الأديب القدير الناقد أ الحبيب مرزوق/ عن نصه الرائع الجميل/ قراءة وتحليل في قصيدة للشاعرة القديرة دجلة العسكري / تحت عنوان( وجوه الحرية)ة
قراءة في قصيدة"
الأستاذ الحبيب مرزوق
1)التمهيد:
لكل إثنين …لنا لقاء… نبحر في أعماق قصيدة….. بين ئص، نبحث عن درر مفيدة… اليوم نعتلي المطايا ونجوب الثتايا
بحثا عن الخفايا … انطلاقتنا من
نص " وجوه الحرية"
للشاعرة دجلة العسكري
2)النص المقترح=
🌻🌻وجوه الحرية 🌻🌻
🌷🌷🌷🌷
ألوان سبغت أجسادنا
تاريخ من الأمم والأوطان
مَن كل دين وعرق مذاهبنا
ندعو السماء في طقوس وألحان
بعيداً عن طغاة التراتيل
وأكاسرة الرّق والأجناس
الألم الملون في جلودنا
رسم طريقنا للفردوس
لم نُخلق في معابدهم
ولا قرابين لنذور آلهتهم الصماء
من ثرى الأجداد أسماونا
للعدل نزرع حقول الأحلام
بعيدآ عن أحاجيج أباطرتهم الوغدان
الأرض أم خلاقة
من رحمها ولدّنا أحرار
جلدنا الرقيق لم يكن
شعار غزواتهم
أناشيد قلوبنا لا تشاركهم
فرحة القتال
اليوم والغدّ
كل الألوان جميلة
وراء طيات اثوابنا
لاشئ يدعو فيها للخجل
نحن زنابق ملونة
في المروج نتوددّ للسلام
أبتسامات نطلقها
للحرية
كقوس قزح نغني في الفضاء
نهزم العبوديه
بالحب
والألوان
3)قراءة البرنامج:
نص جديد نطرحه اليوم لتدارسه نقديا.. من بلاد الرافدين.. تحت عنوان "وجوه الحرية"..
وقبل النظر فيه لنتعرف أولا على صاحبته فنقول:هي دجله العسكري شاعرة عراقية معاصرة من بغداد بالعراق تقيم حاليا خارج الوطن… خريجه معهد التكنولوجيا ببغداد..
لها مجموعتان شعريتان بطريقة الـ pdf
الاولى بعنوان "نقش في سجيل"
والثانية بعنوان "نايات دجلة"....
مولعة بالشعر الحر الميال الى الغموض وتعتمد مواقع التواصل للنشر..
نعود إلى النص لنشير إلى أنه قصيدة من حر الحر ببعد إيحائي يعتمد السهل الممتنع الموهم باليسر قبل أن يستدعي التأويل لتوليد المعاني.. على أن هذا النص الحماسي يراوح بين الوطنية والفخر .. ويمكن تقسيمه منهجيا إلى قسمين أساسيين:
* أولهما التنوع الطائفي والديني والمجتمعي.. *وثانيهما قدرة العراقي على التعايش السلمي مع مثل هذا التنوع دون تصادم.
ويجدر بنا قبل سبر أغوار النص أن نتبين ملامح العنوان اعتمادا على قيمته في قراءة النص..
فتركيب "وجوه الحرية " لغويا هو تركيب إضافي والإضافة أسلوب تعريفي أي أحدى أدوات التعريف. أما معنويا فالوجوه تحيل على الكثرة وبما الحديث يعني الحرية فأوجهها متعددة على غرار التعدد الاجناسي والديني والمجتمعي. وكأننا بالشاعرة -بما هي هادفة المقاصد - تريد أن تبين لنا كيف يضرب الشعب العراقي المثل في الحفاظ على وحدته .. فيجعل من التنوع في تركيبته سبيلا لحسن التعايش واحترام الآخر مع الحفاظ على الكيان دون ذوبان في الآخر ودون تفكك يسرع بهلاك المجتمع.
ونشرع الآن في الإبحار في أعماق نصنا الذي يوهم بسردية خطية لكننا سريعا ما نتبين منه عمقه الشعري..
ألوان /حضارات /أمم / أوطان/ أديان/ أعراق/ مذاهب .. كلها تناجي خالقها بنفس الروح .. فقد تختلف الطقوس ولكنها تتحد في عمق القصد..
((ألوان سبغت أجسادنا
تاريخ من الأمم والأوطان
مَن كل دين وعرق مذاهبنا
ندعو السماء في طقوس وألحان))
فالمجتمع كما وصفته مفارقة أعيت الأذهان فكل اسباب التنافر متوفرة لكن النتاج عكس ذلك فالجميع يحسون بأنهم أبناء وطن واحد لا ولن يقبل التجزئة .. رغم امعان من احترف السياسة أو تقلد مناصب دينية طلب الفرقة والاختلاف فالشعب يرفض كل نداء يشتت شمله فيتعايش ويراعي بعضه البعض الكل يريد لبلده السلام وتوفر أسباب البقاء.. الإحساس وعمق الوجدان متأصلان في شعب أبيّ.. ولو نتأمل النص بدقة نجد انفسنا أمام صورة حركية او مشهد ركحي.. دقة راقية من الشاعرة الماسكة بزمام اللغة تطوعها لما يخدم نصها… فهي كما نرى تسعى إلى المصداقية والواقعية دون أن تسقط في السردية بل تحاول الحفاظ على رونق نصها وعمقه الشعري…
فالشعب يحترم المساجد والمعابد ويحترم المقرات المدنية ويستمع النداءات وعند الاستجابة يميز جيدا فلا يقبل الا ما يعينه على الافضل. شعب يريد العون على المصاعب وليس على بعضه البعض.. فقد عرف الجميع طريقهم بالوعي لا عن طريق طلاب المناصب.. فابناء وطنها لن يكونوا وقودا لجبروت الطغيان ولا قرابين للالهة الصماء..
((بعيداً عن طغاة التراتيل
وأكاسرة الرّق والأجناس
الألم الملون في جلودنا
رسم طريقنا للفردوس
لم نُخلق في معابدهم
ولا قرابين لنذور آلهتهم الصماء))
هم قوم آمنوا بأنهم حملة رسالة انسانية فاجدادهم بنوا الحضارات.. وقادوا الانسانية..
وكل ما بلغه هذا الوطن هو نتاج لتضحيات أبنائه.. فمن حقهم ان يحلموا خيرا ثم يستعيدون مجدا لا يحق أن يندثر ..
((من ثرى الأجداد أسماونا
للعدل نزرع حقول الأحلام
بعيدآ عن أحاجيج أباطرتهم الوغدان
الأرض أم خلاقة
من رحمها ولدّنا أحرار
جلدنا الرقيق لم يكن
شعار غزواتهم
أناشيد قلوبنا لا تشاركهم
فرحة القتال))
سيردد الجميع اناشيد الوطن التي تهز القلوب وتزرع الخير والسلام وتكون محرار التحضر..
فالشعب أخذ قراره وتعهد بأن يكون الزنابق الملونة الباعثة لاطيب الاريج اينما توجهت
فهي في المروج ورودا وفي الطرقات مرشدين نحو الافضل وفي السماء قوس قزح.. يتعددون ولكن يتجانسون في الخير ويتكاملون في الحفاظ على وحدة الوطن..
(((اليوم والغدّ
كل الألوان جميلة
وراء طيات اثوابنا
لاشئ يدعو فيها للخجل
نحن زنابق ملونة
في المروج نتوددّ للسلام
أبتسامات نطلقها
للحري
كقوس قزح نغني في الفضاء
نهزم العبوديه
بالحب
والألوان)))
نص راق مبني جميل معنى عميق قصدا متميز اللغة ينم عن اقتدار في النظم وامتلاك لناصية اللغة .. رغم ان الجرسية فيه كانت خافتة تكاد لا تسمع لكونه من حر الحر بعيدا على انتظام التفعيلة … مع ميل صريح نحو النثر الفني …
لم تغرق الشاعرة نصها بالمحسنات والبديع وانما مالت نحو متانة اللعة وواقعية في الفكرة ولم تهمل المصداقية فكان النص حماسيا يكاد ينطق فخرا .. لدقة المعاني..
شكرا شاعرتنا الراقية المتميزة … شكرا أحبّاءنا الكرام للمتابعة والاهتمام.. نلتقي بعون الله في حصة قادمة.. مودتي واحترامي للجميع
بقلم أ.الحبيب مرزوق
تعليقات
إرسال تعليق