الكاتب الأديب القدير أ الصادق الهلالي/ عن النص الرائع/ سلم و سلام

سِلْمٌ وسَلامْ

الشّاعر الصّادق الهلالي

تَصَافٍ وسِلْمٌ يَليهِ السَّلاَمْ،

         فَهُبُّوا مَعِي أَجْلَ بَثِّ الوِئَامْ

وحُبٍّ لِأَوْطَانَ شَتَّى، تُصَانْ

        وهَجْرِ التَّجافِي لخَيْرِ الأَنامْ

بِغَرْسِ التَّآخي، ونبْذِ الحِمامْ

         وأَضْرَارِ حَربٍ تَقِضُّ المَنامْ،

فَفي السّلْمِ أَصْلُ النُّهَى والأَمانْ...

         سَلامًا ورَمْزًا عَرَفْنا الحَمامْ

بِزَيْتونَةٍ كَمْ تَرِفُّ الغُصُونْ

          بمِنْقارها تَحمِلُ الاِنْسِجَامْ

خَلاَصًا، بِدُنٔيا العِدَى والحِرابْ

   خَلاَ مِنْ صِراعٍ، خُطوبٍ جِسامْ

بِرُوحِ التَّعَادِي، غَدَا لِلعِداءْ

      تَفَشَّى التَعَدّي وكانَ الصِّدَامْ

وفَوْضَى، بَنَتْ نَزْعَةَ الأقْوِياءْ

      ليَبْقَوْا وُحُوشًا، لِأَخْذِ الزِّمامْ

وَيَفْنَى مَريضٌ ضَعِيفٌ حُطامْ

         لِظُلْمٍ وقَهْرٍ  بِدُنْيا الظَّلامْ

ظَلام العقُولِ الَّتي لا تُلامْ

        بِلُبٍّ سَقِيمٍ، كَثيرِ الظِّلامْ...

يَجُورُ الَّذِي ما أَحَبَّ الحياةْ

   وما شَافَ يومًا لطِيفَ الهِيَامْ

وما أسْعَدَتْهُ الرُّبَى والعُطُورْ

    وَتِجْوالُ لَيْلٍ  ونَشْقُ النِّسَامْ

وشَوْقُ التَّلاقِي وَدِفْءُ الهَوَى...

         بغابٍ حَنُونٍ أسيرِ الكَلامْ

بِشِعْرٍ رفِيعِ المَرَاقِي: غِنَاءْ،

          رَنِيمٍ، مُثيرٍ لَهِيبَ الغَرامْ

سَنَاءٌ مِنَ الحُورِ، أشْهَى غِذاءٍ

   دَليلٌ مِنَ اللَّــهِ: حُسْنُ الخِتَامْ

فَجَنَّاتُ خُلْدٍ، جَزَاءُ الرِّجَالْ

          كما لِلنِّساءِ الَّتي لاَ تُلامْ

بعَصْرٍ رِجالِي أَجَلَّ القِتالْ

       وغَرَّتْهُ دُنْيَا، وَطَابَ المُقَامْ

فَما أشْنَعَ الحَرْبَ! هَذِي فِعَالْ؟

 فَما خَلَّفَتْ غَيْرَ خَطْبِ الضِّرامْ

أنانيَّةٌ وانْحِيَازٌ حَقُودْ

   بِلاَ هُدْنَةٍ بَيْنَ باقِي الحُطَامْ!

ألاَ فَارْحَمُوا ذَا بَرَايَا الدُّنَى

      وعُمْرانَ يَفْنَى ويَبْقَى رُكَامْ...

لَنَا الكَوْنُ رَحْبٌ، ويَكْفِي الجميعْ

       فَلاَ للتّعَصُّبْ! لِنَنْسَ الألاَمْ

فَبِالعِلمِ نَرْقَى  ونَغْزُو الفَضَاءْ

      لِتَحْقِيقِ حُلْمٍ وكُلِّ المَرامْ

أَخِي الآدَمِيّ، أَنْهِ حَرْبَ اللّئَامْ

ومِنْ أجْلِ عَدْلٍ! تَصَالَحْ! هُمَامْ!

     الشّاعر الصّادق الهلالي