الأديب الناقد القدير أ الحبيب مرزوق/ عن نصه الرأئع/ قراءة نقدية/ لأعمال الأدبية للكاتبة و القاصة مها حيدر/ تحت عنوان/ الإصبع الواحد
1)التمهيد:
في حصة استثنائية الخيار والإختيار سيكون مدار حديثنا نثريا وصاحبة النص غير المالوف. نحن إذا مع نوع مغاير من الادب او ما يوسم بأدب الطفل. ولكن هذه المرة بقلم الطفل ذاته. فصاحبة النص من فئة تطلب البناء الفكري وهي المخاطبة والمنتمية الى فئة المتلقين.
لذا ستكون لنا مصافحة خاصة مع الكاتبة العراقية الناشئة مها حيدر..مع بداية المقاربة النقدية.
2)النص المقترح:
الإصبع الواحد
رمت القلم بغضب وانزعاج ، ماذا ستفعل الآن ؟!
اليوم مهم جدًا بالنسبة لها ، بكت متألمة مما تعاني ، خرجت من المنزل مسرعة وتوجهت الى قمة الجبل القريب من بيتها ، صعدته وبدأت بالصراخ لكي تخرج ما بداخلها وترتاح قليلًا .
تنفست الصعداء ، لقد كانت تفكر في امر خطير ، وبعد مضي ساعات ، نزلت تتمشى بطريق متعرج ، تعثرت لأكثر من مرةً ، وتدحرجت بين الصخور بعد ان فقدت توازنها .
وعندما عادت ، كانت ملابسها ملطخة بالاوحال وقد تمزق جزء منها ، لم تكن تفكر في الاستسلام للمصاعب ، بل كان همها التركيز على تحقيق حلمها ، لكنها وحيدة ، وعائلتها بعيدة عنها ….
أخذت نفسا عميقا محاولة أمساك القلم ، لكنها فشلت وأصبحت عابسة الوجه .
هبت عاصفة مفاجئة وقوية ، دفعتها ، وقذفت بها الى مكان مليئ بالنجوم ، وأصبحت فوق سطح القمر…
رأت مخلوقات غريبة ، تفاجأت بانها مثلها لديها إصبع واحد فلعلها أيضا مثلها ولدت كذلك ، والمفاجأة الكبرى ان هذه المخلوقات تعيش فوق القمر !!
- مرحبًا .. كيف تكتبون ؟
- أهلا بك ، محاولة إمساك القلم وأنت عابسة الوجه لا يفيد ، فبالثقة والابتسامة من وجهك الجميل ياتيك الحظ ، والسعادة ليس بنجاحك في الحياة فقط ، بل بابتسامة وضحكة حتى لو كنت في موقف صعب .
لقد كانت متفقة مع إحدى دور النشر لطبع كتابها الأول ، لكنها لا تستطيع إمساك القلم ، تألمت وحزنت ، فكرت بالانتحار ، لكن الأمل لم يتخل عنها فتدربت ، ونجحت في إمساك القلم بإصبعها الوحيد، وطبعت كتابها الذي حلمت به ، بتشجيعها لنفسها ، مع مساعدة الآخرين وحبهم لها .
تذكرت ان القمر كان ملهمًا لها ، وتمنت لو ان المخلوقات الغريبة دائما معها …
★مها حيدر★
3)قراءة البرنامج:
نحن أمام نص خيالي المنحى طفولي الخطاب والتوجه.. بأسلوب مبسط بعيدا عن تعقيدات البيان التركيبية والبلاغية لصاحبته مها حيدر .. وقبل النظر فيه لنتعرف على صاحبته اولا.فنقول: هي مها حيدر الدحام.. طالبة الصف الابتدائي كريمة الأستاذ حيدر الدحام.. فهي سليلة مهد الحضارات.. فلا غرابة أن تكون الكاتبة صغيرة السن ولكن على خطى الكبار..
نعود إلى النص لنستقرئ العنوان"الإصبع الواحد" مركب نعتي يحيلنا إلى التفرد والتميز ..ولكن الكاتبة كما سنرى ستستمد أحداث نصها من خيالها الخلاق.. فالطفل المعاصر ربيب التطور العلم الحديث لم يعد يقنعه الحدث الواقعي لانه سيرى فيه تكرارا مملا. لذلك اضفت واقعا غير مالوف لمحيط غير محدود.
فالشخصية الأساسية لهذا النص تبدو متفردة من صنع خيال الكاتبة، لكن احاسيسها وتطلعاتها هي شأن أحاسيس كل طفل وتطلعاته.. طموحة بلا حدود قوية العزيمة ولدت تحمل قصورا وتعرضت لعدة مصاعب ولكن نراها تصر الحاحا على تجاوز كل العراقيل.. ونلاحظ ذكاء من الكاتبة عند توظيف جملة من المعارف الذاتية كافراغ الشحنات العصبية السلبية لاقرار راحة نفسية.. ترحل الفتاة بحثا عن السند وتجده ما تريد.. فهي لا تقبل بان يعوضها أحد في دورها بل بمن يدعمها معنويا وهذا ما وجدته في اصدقائها الجدد الذين دربوها على المثابرة والتفاؤل والابتسامة، ليكون نجاحها متكاملا..
فالمخلوقات التي رأتها البنت فوق سطح القمر مثلها تعاني مشكلتها ولكنها لم تفكر في الاستسلام والهزيمة أما هي فقد كادت أن تفعل لولا دعم اصدقائها الجدد..
قبلت الدرس ولم تبد تبرما وهذا جميل. فالعنادي لا يتعلم..وفيها دعوة لكل طفل ألا يخاف العقبات مهما تراكمت.. عليه ان يؤمن بقدرته على الفعل..فكر وجودي فاعل ينمي الثقة ويقدس الفعل ويمحق السلبية وكل تمظهراتها.
فنتاج الرحلة دروس وعبر انتفتها من الأتراب وبدات بها تكتسب الثقة في النفس.. مع اضافة الدعم المعنوي من أصدقائها .. وتحقق النجاح بإمساك القلم.. ولم تقل لنا كيف امسكته لانها تطلب من صديقها المتلقي ان يعمل فكره ويتصور الحدث.. اما هي فلا يعنيها الا نجاح من أصر على النجاح..
ولا تنسىى فضل اصدقائها عليها.. لذلك ذكرت بفضائلهم عليها.. واختارت الطموح منهم..
التراكيب مبسطة لتوضيح الفكرة .. والسرد قائم وتراتب الاحداث متكامل منتظم..والخيال خلاق باحث عن اللامألوف بغية التجديد.. والفضاء رحب فالطفل كالعصفور يكره كل قيد ولو كان باسم الحرية.
على أن فهم النص وثراء معانيه يستوجب منا قراءته بعقلية الطفل المعاصر الذي يلاحقه طيف الاسطورة لكنه مع العقل يبدع في توظيفه..
نص لطيف وأدب تطوير الواقع برحب الخيال.. اجتهاد جميل. وآفاق رحبة.. وإني لاراها بمزيد العناية والتأطير مشروع رائدة فكر يكون مفخرة.. كل الدعم أديبتنا المؤمنة بذاتها.. العاملة على الاضافة والافادة..شكرا لهذه الفرصة المتميزة .. شكرا لكم على المتابعة والاهتمام.. مودتي واحترامي للجميع.
بقلم ا.الحبيب مرزوق
تعليقات
إرسال تعليق