الأديب القدير د. إبراهيم الفايز الشعيبي/ عن النص الرائع الجميل/ عائشة الصديق في الميزان
عائِشَةُ الصِّدِّيق في الْمِيزان (1)
للشاعر الدكتور ابراهيم الفايز
. الشعيبي
شَطَّتْ دِيارُكَ وَالْمَسارُ طَوِيلُ
وَبَدا رَبِيعُكَ ما إلَيْهِ وُصُولُ
وَأَرَى حِبالَ الْوَصْلِ مِنْكَ تَقَطَّعَتْ
وَوَراءَ قَطْعِكَ حَاطِبٌ وَسَلُولُ
قَالَ العَذُولُ بِأَنَّ زَوْجَكَ قَدْ صَبَا
فَعَلامَ فِينَا سَيِّدٌ وَرَسُولُ
فَأَتَيْتَ تَسْأَلُنِي بِبَيْتِ صِبابَتِي
أَمْراً تَقَطَّعَ ما إلَيْهِ سَبِيلُ
فَحَبَسْتُ صَبْرِي وَالدُّمُوعُ سَواكِبٌ
وَلَجَأْتُ أَشْكُو مَنْ إِلَيْهِ أَقُولُ
وَسَأَلْتَنِي فَأَجِبْتُ حِينَ سَأَلْتَنِي
صَبْرٌ جَمِيلٌ شِدَّةٌ وَتَزُولُ
حَتَّى تَصَبَّبَ مِنْ جَبينِكَ ما أَرَىٰ
عَرَقَاً كَأَنَّ الْوَحْيَ فِيكَ يَصُولُ
فَنَطَقْتَ بالْحَقِّ الَّذِي هُوَ مُنْقِذِي
بِبَراءَتِي يَتْلُو بِهِ التَّنْزِيلُ
—- —- —-
إِنْ كَانَ يُوسُفُ قَدْ نَجَا بِقَمِيصِهِ
وَبِشَاهِدٍ مِنْ أَهْلِها فَدَلِيلُ
أَوْ أَنَّ مَرْيَمَ بِالْبَرَاءَةِ تُوِّجَتْ
فَلِأَنَّ عِيسَىٰ مُرْسَلٌ وَعَدُولُ
أَمَّا أَنا فَأَتَتْكَ مِنْهُ بَراءَتِي آياتُ رَبَّي زَفَّها جِبْرِيلُ
وَهُوَ الَّذِي أَوْحَى إلَيْكَ بِأَنَّنِي
زَوْجٌ وَإنِّي صَاحِبٌ وَخَلِيلُ
رَبِّي وَرَبُّكَ جَامِعٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ
قَبْلَ ما شِئْنَا فَكَيْفَ تَقُولُ
وَعَلامَ تَسْأَلُنِي وَقَدْ طَوَّقْتَنِي
بِجَمالِ حُبِّكَ كَيْفَ عَنْهُ أَمِيلُ
وَأَنَا الَّتِي أَطْلَقْتُ حُبَّكَ عَاشِقَاً
فَمَنَحْتَنِي زَادَاً عَلَيْهِ أَعُولُ
وَمَلَكْتَنِي وَمَلَكْتَ كُلَّ حُشَاشَتِي
وَأَراكَ ثُمَّ أَمِيلُ حَيْثُ تَمِيلُ
—- —- —-
أَوَما عَلِمْتَ الإفْكُ جاءَ مُحَطِّمَاً
دِينَاً وَهَادِمَ ما بَنَتْهُ عُقُولُ
وَالْإِفْكُ جاءَ بِهِ - لِطَعْنِ مُحَمَّدٍ
في أَهْلِهِ - رَأْسُ النِّفاقِ سَلُولُ
وَالإفْكُ صَاغُوهُ لِيَثْلِمَ مِنْ أَبِي
شَرَفَاً وَيَهْدِمَ ما بَنَىٰ وَيَطُولُ
وَأَنَا الرَّزَانُ الْأَلْمَعِيَّةُ في الْحِمَىٰ
أَرْوِي الْحَدِيثَ بِمَجْلِسِي وَأَصُولُ
وَأَنَا الْحَصَانُ الْبِكْرُ زَوْجُ مُحَمَّدٍ
وَالْوَحْيُ فِينا شَاهِدٌ وَدَلِيلُ
وَأَنَا الْحَسِيبَةُ أَلْتَقِي بِمُحَمَّدٍ
نَسَبَاً وَمِنْ تَيْمٍ إلَيْهِ وُصُولُ
الطَّيِّبُونَ الطَّاهِرُونَ حَلَائِلٌ
للطَّيِّبَاتِ الطَّاهِراتِ فُحُولُ
—- —- —-
قَدْ ماتَ في حِجْرِي وَأَسْلَمَ رُوحَهُ
وَبِحُجْرَتِي قَبْرُ الْحَبِيبِ نَزِيلُ
وَحَفِظْتُهُ في ما مَلَكْتُ وَإنَّنِي
بَعْدَ الْمَمَاتِ لَحَافِظٌ وَخَلِيلُ
وَلَقَدْ دَفَنْتُ مَعَ الحَبِيبِ حُشَاشَتِي
لِأَشُمَّ مِنْ أَطْيابِهِ وَأُطِيلُ
وَطَلَبْتُ دَفْنَ أَبِي بِجانِبِ قَبْرِهِ
خِلٌّ يُجَاوِرُ خِلَّهُ وَسلِيلُ
ما بَيْنَ مِنْبَرِهِ وَهالَةِ قَبْرِهِ
خُلِقَتْ رِياضٌ ما لَهُنَّ مَثِيلُ
وَأَخَذْتُ مِنْهُ الْعِلْمَ لا مُتَعَجِّلَاً
وَجَعَلْتُهُ في الْعَالَمِينَ يَدُولُ
وَرَوَيْتُ في عِلْمِ الْحَدِيثِ حَدِيثَهُ
بِلِسانِ صِدْقٍ حَفُّهُ التَّعْلِيلُ
وَذَكَرْتُ كُلَّ صِفاتِهِ مُتَبَرِّكَاً
فيها وَإنِّي حَازِمٌ وَعَقُولُ
أيَّامُكُمْ طَابَتْ وَطَابَ مَقَامُكُمْ وَالدَّهْرُ فِيهِ تَقَلُّبٌ وَفُصُولُ
إِنْ كُنْتُ قَدْ أَنْصَفْتُكُمْ فَسَعَادَتِي
في ما فَعَلْتُ وَمَا إليهِ أَؤُولُ
أَوْ كُنْتُ فيكُمْ قاصِراً فَسَماحَتِي
حَسْبِي مِنْ الْإِفْكِ الْهَزِيلِ أُفُولُ
.................................................
(1)- الدافع لنظم القصيدة :
كلّفني الأخ العزيز الاستاذ الدكتور عقيد خالد العزاوي العالم الجليل صاحب التآليف النافعة التي تربو على الثَّلاثينَ مؤلفا عدا المقالات الهادفة أن انظم له أبياتا في أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله عنها وعن أبيها، - زوج رسولنا الكريم - مُحَمّد صلى الله عليه وسلم.
لأنه رآها في منامه ، ولكي يحتفظ بها مع مذكراته ، فكانت هذه القصيدة في 5/2/2019
معاني الكلمات
..................
سَلُول : عبدالله بن أبيّ بن سَلُول رأس المنافقين في الاسلام .
أَلْإفْك : حادثة حدثت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - قام بافتعالها المنافقون وعلى رأسهم عبدالله بن سَلُول ، ولكنها دُحِضتْ بآيات من سورة النور ، أُتُهِِمَ فيها كلٌ من السيدة عائشة ام المؤمنين والصحابي الجليل صفوان بن المعطل ،فنزلت البراءة من الله تعالى بآيات بينات .
الرَّزان : الوَقار ، وينطق بفتح الراء، ويطلق على الفتاة الوقورة المتَّزنة .
ألحَصان : بفتح إلحاء المهملة- ألعفيفة من النساء .
السَّليل : المنحدر من عائلة شريفة .
الحُشاشَة : بقية الروح في جسم المريض .
آلَ اليه : رجع اليه .
............................................
تعليقات
إرسال تعليق