ألأديب الناقد القدير أ الحبيب مرزوق/ عن قراءة نقدية للادية القديرة أ. ماري العميري عن نصهاالرائع تحت عنوان (سراب العشق)

قراءة في قصيدة"
    الأستاذ الحبيب مرزوق
1)التمهيد:..
مع كل إثنين …لنا لقاء… نبحر في أعماق قصيدة…..  بين طيات الئص، نبحث عن درر مفيدة… اليوم نعتلي المطايا ونجوب الثنايا.. بحثا عن الخفايا … انطلاقتنا من نص
 "  سراب العشق "
للشاعرة ماري العميري ظن العراق الحضارة 
2)النص المقترح=
🌹سراب العشق🌹
لا أعرف من أنا فهل تعرفني؟! 
تفترسني مرآتي
عقارب الساعة تأكل ملامحي
عجباً تتربع على عرشي
تُشاغب نبضي
وهماً أعيش على قيدك
كبوصلة الحدس تعيش على قيدي/
مَعاصم الليلِ موشومةٌ
ومن هجيعهِ على مراقصِ الشّمسِ تتمرد
بعمق الريح أوراق السكون رابضةٌ
وهذا الحفيف يبصرني
كسحابةٍ بلا رعدِ ولا مِزنِ
خرساء تَصرخُ قصائدي
تشكو السطور عذرية الفجرِ/
غربال القوافي ضريحٌ تلاشى في عيونِ الليل
نَسجتُ على كتفِ الوجع وشاحاً
ظلماً ارتدت الذكريات رداء لسراب العشقِ
هل تعيدني بحسرةٍ مسكونة الدهشةِ
تَجاعيدُ الدروبِ ضاقتْ وبالروحِ أمنيةٌ
أتذوق أكاسير الفرح
أتسكع حافية، أُجدل ضفائري تحت طقوسِ الغَسّقِ
خلجاتُ القلبِ غَزلتْ من الحروفِ أجملها 
بترٌ لأصابعِ عَبثَتْ بقديمِ رسائلي
لا أعرف من أنا! فهل تَعرفُني؟،
3) قراءة البرنامج:
نتاج جديد وابداع لطيف هذه المرة سيكون من بلاد الرافدين.. بلد الحضارات.. في نص وجداني لطيف… وقبل الخوض فيه نتعرف على صاحبته فنقول:
هي ماري العميري من بغداد وبها تقيم.. متحصلة على ماجستير اللغة الانجليزية من  كلية التربية قسم دراسات عليا /اللغة الانجليزية… من مواليد ٨٩ ام لثلاثة أبناء
تحب اللغة العربية تكتب اجناس ادبية مختلفه منها الشعر الحر، والنثر والخاطرة.. اما المهنة فمدرسة اللغة الانجليزية.
وقبل الغوص في اعماق النص نلقي نظرة حول العنوان ..فحسب المألوف "سراب العشق" هو مركب اضافي  يحيلنا قطعا الى معاناة تنتظر بطلة النص على  لسان الشاعرة.. فالسراب لا يوحي الا بمصاعب ستحاول شاعرتنا أن تحولها الى حال افضل..خصوصا وان العشق عند المحبين مقدس ولا يرتضون له فشلا..
ويعتبر النص قصيدة شعر وجدانية  من الحر بل من حر الحر.. تحوم حول تعلق الحبيبة بحبيبها رغم غيابه  وعدم اهتمامه الكامل بقلب بنى  كل آماله عليه. وينتظر منه الكثير ، لكنه يبدي بعض التهاون تجاهه.
ويمكن تقسيم النص منهجيا الى ثلاث مقاطع
*من 1 الى 7 ويصور حالة الاضطراب والاغتراب الوجداني الممزوج بالوله والتمسك بالمحبوب ..
*من 8الى 12
تكامل المحيط مع الحالة النفسية للشاعرة
*بقية النص تتعلق بما تجده الشاعرة  من أحاسيس تبرر بعض القلق الذي ينتابها لطول غياب محبوبها مع ابداء وفاء لا يغيب.

لا أعرف من أنا فهل تعرفني؟! 
تفترسني مرآتي
عقارب الساعة تأكل ملامحي
عجباً تتربع على عرشي
تُشاغب نبضي
وهماً أعيش على قيدك
كبوصلة الحدس تعيش على قيدي/

اغتراب رهيب وخوف من المجهول فكل شيء يكاد يتحول الى عدو ويهدد مسارا وجدانيا..  فالمرآة التي وسموها بالصدق ولم ينسبوا لها الوفاء كاننا بها تقول  لشاعرتنا : ملامحك لم تعد كما كانت .. وقد طال عليك الزمن وستتغير طموحاتك .
لم تقل أنها ساءت ولكنها تغيرت، أكيدا تعني نحو التقدم في السن .. وهذا سببه دوران عقارب الساعة التي تتعجل المستقبل.. وكاننا بها تحاول مشاغبة النبضات وارهاقها لتخفض سرعها وتدعوها االى التريث.. ايذانا بقبولها لتحولات في  قصة حبها ..
أما الشاعرة فقد بدت متأثرة بما يحصل.. فقناعتها بحبها وثباتها عليه امر لا يقبل الشك لكن ما حولها يتطور وهي تخشى ان يفلت شعورها منها لذا تستلذ استمرار المسيرة وتخشى المؤثرات الجانبية..   فكل ما في الحياة وجدته يتغير ولعلها تخشى منه انكار الذات.. 
لذا فهي تستدعي صاحبها  لتستعين به لمعرفة إن كان حبه لها مازال كما كان ام أصبح ينكر منها شيئا ما..  فلابد ان يساعدها على ان تستعيد نفسها وتمارس نسقا حياتيا منطقيا تتحقق فيه رغائبها..
مَعاصم الليلِ موشومةٌ
ومن هجيعهِ على مراقصِ الشّمسِ تتمرد
بعمق الريح أوراق السكون رابضةٌ
وهذا الحفيف يبصرني
كسحابةٍ بلا رعدِ ولا مِزنِ
/
لا هجوع ولا هجيع إلى حين مطلع الشمس فرياح تخفي آثارا وتبدي أخرى ..لهو  أمر أجهدها وباتت تخشى أن تتقاذفها الاوجاع والذكريات ولن ينجيها إلا وصال دائم يسعد النفس ويطرد عنها الهواجس ..
ومن عادة الاوشام أن تكون طلاسم لها مبرراتها ومعاصم الليل باتت لديها موشومة لكن ترى ماذا تعني؟وماذا تخفي؟
الحياة تتغير وهي لا تخشى التغير بما أنه سنة كونية ولكنها تخشى ما يخشاه قلبها فقط ولا تطلب إظهاره..
فكما ذكرنا تتقاذفها الهواجس الاوجاع والذكريات وويشدها حنين لوعود وصال ترتقي به اعلى المراتب …
لكانها في خضم عاصفة هوجاء غريبة لا رعد فيها ينبئ بالمعقولية ولا مزن حاملا للمطر ليغسل هذه الاوهام والادران والطلاسم.. 
ولكن لمَ القصيدة الناطقة بلسانها ومن لسانها بدت كالخرساء تشكو العجز على اجابة كاتبتها..؟ فهل أن متاعب شاعرتنا كما نرى فاتت الحد ؟ أم هل أن الطرف المقابل مقصر معها ولم يف تضحياتها حقها؟
هل أن قصائدها على عمقها وفصاحتها وقدرتها التصويرية بدت حقا خرساء؟ أم أن المسألة نفسية؟ فلعل غربال القوافي هو من أفسد الحال  فاسقط كل مفرح ولم يترك الا الوجع..
وغامت الذكريات وباتت تجاعيد الزمن وآلامه تقارعها… والدروب تقودها إلى مجاهل الواقع..  حتى انها لتسير حافية لا شيء يقيها الوخز ومنابع الألم..
خرساء تَصرخُ قصائدي
تشكو السطور عذرية الفجرِ
غربال القوافي ضريحٌ تلاشى في عيونِ الليل
نَسجتُ على كتفِ الوجع وشاحاً
ظلماً ارتدت الذكريات رداء لسراب العشقِ
هل تعيدني بحسرةٍ مسكونة الدهشةِ
تَجاعيدُ الدروبِ ضاقتْ وبالروحِ أمنيةٌ
أتذوق أكاسير الفرح
أتسكع حافية، 
أُجدل ضفائري تحت طقوسِ الغَسّقِ
خلجاتُ القلبِ غَزلتْ من الحروفِ أجملها 
بترٌ لأصابعِ عَبثَتْ بقديمِ رسائلي
لا أعرف من أنا! فهل تَعرفُني؟،
وورغم ما عانته وتعانيه تبقى الأنثى في أعماقها تهتم بمظاهر تميزها الجمالي من خلال شَعْر يحاكي الليل في انسداله وترامي اطرافه.. وملامح ثابتة رغم  انكساربعض الفترات.. حتى لترى الباطن يتألم والظاهر ثابت يتساءل..
بل ان خلجات القلب ترسم أحلى الكلمات حفاظا منها على قصة حب نشأت ويجب أن تستمر.. فمهما نأى وتباعد الحبيب ستبقى الوفية ولن تخطئ .. فلعله يأتي يوما حاملا معه البشائر.. ليجيب على تساؤلاتها .. ويعرفها من تكون.. وأين هي من شغاف قلبه.. حب صادق وإن كان يبدو من جانب واحد . وهكذا دأب العشاق أن يظهروا تضحياتهم دون أن يؤذوا الطرف المقابل وكأنهم يلتمسون له الأعذار..
فالنص انفتح كما نرى على استفهام ولكنه انغلق عليه وما بين دفتيه تجلت لنا الحبيبة .. فهل ياترى يتقدم الطرف الثاني الموسوم بالقدرة على الاجابة فيجلي الغموض ويزيل العراقيل وتتواصل القصة في أبهى مظاهرها ..؟
سلسلة من الثنائيات الجميلة تحملها بنية هذا النص منها أن الطرف الاول وقد ابدى وفاء وثباتا على ما اجتمعا عليه . وينتظر الطرف الثاني ليناظره.  ولم يسمه بالتقصير.
اضافة الى ثنائيات أخرى مثل الهجر والوصال/الحضور والغياب/ والاهتمام والتجاهل/ ..
لغة راقية ومجاز متميز وقدرة على صناعة الصورة الشعرية.. نص تنفتح بعض معانيه على تأويلات عدة .. وأسلوب حفظ المقام وأتقن البيان.. فكل الشكر لشاعرتنا على هذه الفرصة الراقية لننعم بمجالسة نص متميز يشهد بأن من خطته آخذة بناصية لغتها متجذرة في أدبها وضوابط الشعر ديوان العرب.. 
 كل الشكر لمن تابعنا واهتم بما نخط من حرف حول ابداعات شعراء مجلتنا الكرام.. مودتي واحترامي للجميع .. وإلى لقاء قادم مع قصيدة أخرى.. في حصة أخرى..
   وإعداد ومتابعة 
أ.الحبيب مرزوق


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

ألأديب الكاتب القدير أ. ابو العبد الجبشة/ عن نصه الرأئع الجميل/ تحت عنوان لاتساليني

ألأديب الكاتب القدير د. الشريف حسن ذياب الخطيب / عن نصه الرأئع الجميل تحت عنوان/ الإهتمام دواء لايباع ولا يشترى

ألأديب الكاتب القدير أ . عماد الشمري/ عن النص الرائع / ذكريات عرس